التنظيم القانوني للشفعة في أحكام القانون المدني
كتب الدكتور احمد شعبان
التنظيم القانوني للشفعة في أحكام القانون المدني
تعتبر الملكية العقارية من أهم المواضيع واعقدها على الانطلاق وقد اعتبرت الدساتير والأنظمة القانونية السابقة واختلاف التشريعات من حيث اختلاف الأمر في القانون المدني المصري عنه في القوانين المدنية الأخرى ومجلة الأحكام العدلية التي تمثل جانبا من الفقه الإسلامي الذي يعتبر المصدر التاريخي والمادي لها، ثم بينت موقف القضاء من الاختلاف في تعريف حق الملكية من الطبيعية للإنسان وتلعب الملكية العقارية دورا مهما في حياة الأفراد والشعوب علي حد السواء ولهدا يستوجب التعرف علي مفهوم الملكية العقارية في التشريع المصري فالعقار هو كل ملك ثابت له أصل كالأرض والمنزل وهو كل شي ثابت ومستقر في مكانه وغير قابل لنقل إلي مكان أخر بدون تلف وقد جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن الصادر بفرنسا في 1789/08/26 في المادة 17 منه بان حق الملكية حق مقدس حيث انه لا يمكن أن يحرم أي احد منه إلا إذا فرضت الضرورة العامة ذلك شرط أن يكون بصورة قانونية ودفع تعويض عادل ومسبق
وعرفته التشريعات العربية بأنه هو كل من الأرض والثروات العقارية غير المبنية فالملكية العقارية تخول سلطة مباشرة لصاحب العقار الذي يستطيع بموجبها أن يستعمله ويتصرف فيه ضمن حدود القوانين والأنظمة المعمول بها وقد عرفته القوانين العربية بان الملكية هي حق التصرف في الأشياء بشرط ألا يستعمل استعمال تحرمه القوانين والأنظمة التشريعية.
ولذا عملت التشريعات الحديثة على وضع ضوابط ومعاییر ترد على حرية التملك أو التمتع من أجل تحقيق مصلحة الفرد والجماعة، من بين هذه الضوابط نجد ما يتعلق بأسباب الملكية باعتبارها من الحقوق العينية الأصلية تناولها المشرع المصري ضمن القانون المدني تحت عنوان “اكتساب الملكية والتي تضم كل من الاستيلاء، الميراث الوصية، الالتصاق بالعقار العقد، الشفعة، والحيازة.
تعتبر الشفعة سبب من أسباب كسب الملكية العقارية لأن حق التملك جبري لها وينفذ دون إرادة مالكه ومشتريه وهذا يضم العقار المبيع إلى ملك الشفيع بسبب اتصال ملكه بهذا العقار دفعا لضرر متوقع، وعلى رغم من ثبوت هذا الحق لقائده الشفيع إلا أنه لا يمكن ممارسته بصفة مطلقة كونه مقيد بشروط محددة بقوة القانون.
عرف المشرع المصري الشفعة طبقا للمادة ٩٣٣ من القانون المدني، هي؛ رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري في الأحوال والشروط المنصوص عليها، وهي تأسس على وقاية الشفيع من ضرر محتمل من شريك أوجار، فهي إذا متصلة بشخص الشفيع وهو حر في أن يأخذ أو لا يأخذ بها، فهذا متروك لمحض تقديره.
كما أنها رخصة تتحقق في حالة بيع العقار ولا تكون في المنقول غير قابلة للتجزئة. إذ لا يجوز للشفيع أخذ الشفعة على جزء من العقار المشفوع فيه دون الآخر وفي حق قابل للإرث لا تسقط بموت الشفيع وإنما تنتقل، مورثة وأنها حق قابل للإسقاط وغير قابل للتنازل إلى الغير لاتصالها بشخص الشفيع وتبعتها للعقار المشفوع فيه.
مفهوم الشفعة
إذا بيع العقار وقام سبب يجعل القانون بموجبه لشخص آخر متصل حقه – بالعقار – إذا أراد – فيكون لمن تحققت به هذا السبب أولوية على المشتري واستبعاده والحلول في البيع محله فيقال إن له أخذ العقار المبيع بالشفعة.
الشفعة لغة هي الضم والزيادة وهي مشتقة من الشفع الذي هو ضد الوتر بما فيه من ضم الشيء إلى الشيء وهي أيضا مشتقة من الزيادة لأن الشفيع يزيد المبيع في ملكه فالشفيع يشفع ماله بها فيضم إليه مال غيره ويزيده.
ويسمى الأخذ بالشفعة ” الشفيع” ويسمى المشتري” ” المشفوع منه ويسمى العقار المبيع ” العقار المشفوع أو المشفوع منه ويسمى عقار الشفيع أو حقه الذي يشفع بموجبه – العقار والحق المشفوع به وبذلك يكون للشفيع مركز قانوني يعطيه نتيجة قيام بسبب من الأسباب التي تعيد بها القانون أفضلية على المشتري المشفوع منه وهذا ما جاء في نص عليه القانون، الشفعة رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشتري في الأحوال بالشروط المنصوص عليها في المواد الآتية”. وقد استمدت أحكام الشفعة من الفقه الإسلامي فهي مباحة عند جمهور الفقهاء بالدلة الآتية.
تعريف الشفعة في الشريعة الإسلامية
أ: في السنة والإجماع:
فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل مالم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وعن جابر أيضا قال قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ريعه، وحائط لا يحل له أن يبيع حتى يأذن شريكه فإذا شاء ترك فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به، وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضي بالشفعة بين الشركاء في الأراضي والدار
ب: الحكمة من الشفعة
قام نظام الشفعة منذ استقر تطبيقه في الشريعة الإسلامية على فكرة دفع الضرر عن الشفيع، المتصل حقه بالعقار المبيع الذي قد يأتي من المشتري لهذا العقار الذي لا تكون له في الأصل صلة بهذا العقار فالشريك فيه يتضرر من دخول أجنبي أو غريب عن الشركاء إذ باعه أحد الشركاء حصة في العقار الشائع وبذلك تبرر الشفعة على أساس تفضيل الغريب على الغريب، أي تفضيل من قامت له صلة بالعقار المبيع على الغريب الذي لم تكن له هذه الصلة أو من كانت له بالعقار صلة أدنى من صلة الشفيع، ورغم كل هذا يبقى نظام الشفعة نظاما استثنائيا. يعطي حرية التعاقد وحق التصرف وحقوق المشترين وحق الملكية على السواء.
التعريف الفقهي والقانوني للشفعة:
في الفقه جدل عميق حول تكييف الشفعة، هنا القائلين بعينية الشفعة والقائلين بشخصيتها وهناك فقه آخر اعتبرها من الحقوق الإرادية.
الاتجاه الأول:
الشفعة حق عيني لأنه يتولد من حق ملكية العقار المشفوع به وينصب على العقار المشفوع فيه.
الاتجاه الثاني:
الشفعة حق شخصي بمعنى الحق المتصل بشخص الشفيع لا على معنى حق الدائنين. العقارات التي يتخلف فيها السبب، مما يعني تجزئة العقارات المبيعة وللمشتري إذا رأى في هذه التجزئة إلحاق ضرر جسيم به أن التمسك بوجوب أخذ الشفيع لكل العقارات ما توفر في شأنها شروط الأخذ بالشفعة وما لا يتوفر منها، وذلك حتى لا تتجزأ الصفقة على المشتري وللشفيع عندئذ الخيارين إن يأخذ الكل أو يترك الكل.
في حالة تعدد الشفعاء سواء كانوا طبقة واحدة أم من مراتب مختلفة، وسواء صدر الطلب شفيع واحد أم أكثر، فيجب أن يطلب كل منهم أخذ العقار محله بالشفعة والسبب وفي ذلك عدم جواز تفرق الصفقة على المشتري، فيلحقه الضرر.
ويجب على كل شفيع في حالة التعدد أن يطلب المبيع كله بالشفعة وإلا سقط حقه فيها فإذا حدث التعدد وطلب كل شفعاء العقار المبيع بكامله، فانهم يأخذون العقار بالنسب التي ينص عليها القانون فلا تتفرق الصفقة على المشتري على أنه لا يجوز للمشتري إجبار الشفيع على أن يقتصر طلبه على مقدار نصيبه وذلك بدعوى أن عدم التجزئة مقررة لمصلحه.
أولا ورود الشفعة على العقارات
لا شفعة إلا في العقار، وذلك بصريح نص المشرع في تعريف الشفعة في نص المادة 933 ق.م وفي مختلف نصوصها الأخرى بحيث تختلف الشفعة من هذه الوجه عن الاسترداد الذي يكون في المنقول وفي المجموع من المال والعقار في القانون المدني ” كل شيء مستقر يجيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف”. تجوز الشفعة في بيعه إذا توافر سببها سواء كان هذا العقار أرضا أم أرضا عليها بناء بيع بمفرده دون الأرض.
ولما كانت المنقولات التي يضعها صاحبها في عقار يملكه رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله تعتبر عقارات بالتخصيص وتعتبر من ملحقات العقارات الذي تخدمه فان التصرف في هذا العقار يشملها في الأصل، ولذلك إذا بيع عقار وتوافر سبب الأخذ بالشفعة، مالم تكن قد استبعدت من البيع، ولكن إذا فصلت على العقار الذي تخدمه وبيعت على الاستغلال، فلا يجوز الشفعة فيها، إذا أنها بذلك تكون قد عادت لها صفتها المنقولة ولا شفعة في منقول. ولذلك لا تجوز الشفعة في بناء معد للهدم، وإذا يرد البيع في الحقيقة على أنقاضه المتخلفة عن الهدم وهي المنقولات.
ثانيا: اتصال الشفعة بالشخص الشفيع
تجهيز الشفعة قائمة على اعتبارات تتعلق بالشفيع ويترتب على كون الشفعة رخصة تتصل بشخص الشفيع الناتج عدم إمكان دائني الشفيع استعمال هذه الرخصة نيابة عنه كما ل لا يجوز للدائنين استعمال الحقوق المتصلة بشخص المدين خاصة عن طريق الدعوى غير المباشرة. – الشفعة لا تنتقل بالحوالة، فلا يجوز للشفيع عند ما تثبت له الشفعة أن يحيل حقه في الأخذ بها إلى الغير وذلك لأن الشفعة وطالما اتصلت بشخص الشفيع وبالتالي لا يجوز حوالتها. – يجوز للشفيع أن يتنازل عن حقه في الأخذ بالشفعة والتنازل قد يكون صريحا أو ضمنيا، فالتنازل الصريح قد يكون بالكتابة الرسمية أو العرفية كما يجوز أن يتم شفاعة وعلى من يتمسك بحضور هذا التنازل إثباته طبقا للقواعد العامة للإثبات.
التنازل الضمني فيتحقق إذا صدر من الشفيع أي عمل يفيد نزوله عن حقه: أن يتصرف المشتري في العقار بالبيع إلى الغير في حضور الشفيع ومع شهادته في البيع، والفرق بينهما التنازل الصريح يتحقق ويحدث أثره سواء علم الشفيع بالبيع أو لم يعلم بعد أن كان بعد البيع.
أما التنازل الضمني فانه لا يسقط حق الشفيع في الشفعة إلا إذا التنازل الضمني فانه لا يسقط حق الشفيع في الشفعة إلا إذا علمن به. ويصح التنازل صراحة أو ضمنا عن الحق في الأخذ بالشفعة حتى يوم صدور الحكم بثبوت الشفعة، كما يجوز للشفيع أن يطلب الأخذ بالشفعة.
الاتجاه الثالث:
الشفعة من الحقوق الإرادية بمعنى يتحقق هذا الاستعمال بإرادة الشفيع الأخذ بالشفعة وإعلانه هذه الإرادة هي الجوهري الذي ينتهي التركيز عليه – فالشفعة لا تكون سببا لكسب إلا بالقيام مركز قانوني معين تتهيأ أسبابه بالاجتماع وقائع مادية معينة فيكون للشفيع ليس حق الملك بل الحق في أن يتملك، فان أعلن عن رغبته في الأخذ بالشفعة وهذه إرادة منفردة أي تصرف قانوني صادر من جانب واحد تكاملت عناصر الشفعة باعتبارها سببا من أسباب كسب الملكية فيتملك الشفيع العقار المتطوع فيه، ويتحول حقه في أن يتملك هذا العقار إلى حقه في ملكيته ، وذلك عن طريق حلوله محل المشتري.
وفي الختام نحب أن نلقي الضوء على الاتي: –
إن الشفعة في التقنين المدني المصري، على فكرة دفع الضرر عن الشفيع القائمة وبالرغم مما يحققه نظام الشفعة من فوائد في بعض الصور، حيث يكون هو الوسيلة لتجميع ما تفرق من عناصر الملكية أو القضاء على وضع الشيوع غير المرغوب فيه أو حتى التقليل عدد الشركاء، إلا أنه يبقي نظاما استثنائيا يمس حرية التعاقد وحق التصرف وحقوق المشترين وحق الملكية على السواء، بما يعنيه من إحلال الشفيع محل المشتري الذي اختاره البائع وبما ينتهي إليه من أخذ الشفيع للعقار المبيع جبرا على المشتري، ولذلك ينبغي التضييق من نطاق هذا النظام والتشدد في شروطه وإجراءاته، ويدخل كل ذلك في مسؤولية المشرع كما ينبغي عدم التوسع في تفسير أحكامه السليم.
مسؤولية المشرع من أجل إعادة النظر في صياغتها بما يتلاءم والمنطق القانوني
عدم التفريق في بعض الأحيان بين نظامي الشفعة والاسترداد، إذ غالبا ما يحكم باسترداد العقارات المتنازع عليها دون أن تطبق أحكام الشفعة، على الرغم من توافر شروطها، لاسيما في حالات بيع الحصة الشائعة في العقار المعين ولو كان هذا العقار هو كل المال الشائع.
عدم تنصيب بعض الهيئات المخول لها قانونا ممارسة حق الشفعة لفائدة الدولة، كما هو الحال الأن، وهو ما يشكل إفراغا للنصوص القانونية من محتواها وجعلها عديمة الأهمية من الناحية العملية.
أن المشرع ومن خلال حق الشفعة الذي نص عليه في القوانين الخاصة، فقد كان هدفه هو تحقيق جملة من الاعتبارات كالمحافظة على الوجهة الفلاحية للأراضي وفعالية القانونية دون تجسيد عملي، وهذا راجع إلى عدم إثارة منازعات في هذا الشأن بدليل قلة الأحكام القضائية الصادرة في هذا المجال، كما أن المشرع وفي كثير من الحالات اقتصر على أن الدولة لها الحق في ممارسة الشفعة دون أن يحدد إجراءات ممارستها بدقة، بل وفي حالات أخرى لم ينص على دور القضاء في ممارسة حق الشفعة كما هو الحال مثلا بالنسبة للشفعة، حيث لم ينص على الإجراءات أمام القضاء كما فعل بالنسبة للشفعة وفقا للمبادئ العامة.
وفي الأخير نتمنى إننا قد وفقنا إلى تقديم فائدة جديدة تضاف الي ما تم كتابته في هدا الموضوع الذي نتمنى إن يكون شعلة في باب البحث العلمي ولا سيما ما تعلق منها بالجانب القانوني علي انه يبقى موضوعا شاسعا ويستحق المزيد من الدراسة.
ووفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه انه القادر