الكاتبة ألفة يوسف تتحدث عن قصة نجاحها)
كتبت/بسمة يحيى
لماذا اختارت الكاتبة الكبيرة ألفة يوسف التنوير؟
_لم أختر التنوير بل التنوير يختار كل مسلم ومسلمة، فيجب عليه أن تكون علاقتة بالقرآن ورؤيته للكون رؤية نورانية منفتحة، فالله تعالى هو نور السماوات والأرض والنور من سماته وهذا يقوله حتى الفلاسفة القدامى أنه ينير كل شئ، وعندما نقول كل شئ نحن نتحدث عن رؤية منفتحة تقابل رؤية الفقهاء المتشددين المنغلقة، فأنا أرى الله حينما يدعونا إلى تدبر القرآن وألا نقسوا على الآخرين هذا كله يندرج تحت مسمى “الفكر التنويري”.
أكملي العبارة: ……هذا الشخص كنت أجله لكن…
_لم تحصل لي خيبة أمل في أحد بمعنى أنني كنت أحترم الشخص وأجله ثم يتغير موقفي؛ لأنني أعتقد أن كل البشر يمكن أن يرتكبوا أخطاء، وأحاول قدر الإمكان أن أتفهم خلفية الناس ودوافعهم اللاواعية، فلا يمكن أن أكون من دعاة التنوير والانفتاح وأكون قاسية في حكمي على البعض؛ فربما الجهل والأنانية أو الحسد وسواها من الخصائص البشرية الأخرى قد تدفع الناس إلى ارتكاب أخطاء وإلحاق الأذى بالغير، ومع ذلك أحاول أن أتفهم ذلك قدر الإمكان.
ما هي أكثر قراءة تنويرية هوجمت عليها؟
_قراءة زواج المسلمة بالكتابي وقد خصصت لها كتابا وقراءة المساواة في الميراث، فالقرآن سكت عن زواج المسلمة بالكتابي ولم يحرمها، فأنا أرى أن الطفل يمكن أن يتبع دين أمه فهي الأقرب إلى قلبه فالجنة تحت أقدام الأمهات وأيضا من جوهر الدين أن يختار الإنسان دينه الذي يقوده للسكينة ومكارم الأخلاق، أيضا أرى أن ما ذكره القرآن في الميراث هو الحد الأدني الذي يجب أن تتحصل عليه المرأة وهذا أمر طبيعي في مجتمع لم يكن يعرف الكثير عن حقوق المرأة بل كانت تورث مثل الأشياء، فنصف الميراث وقتها كان ثورة لصالح المرأة، واليوم أشترك مع الباحث يوسف الصديق في أن المنطق ومقاصد الشريعة تلزم بالمساواة التامة في الميراث بين الرجل والمرأة.
برأيك سيدة ألفة كيف يمكن لمصر أن تطبق تجربة تونس التنويرية؟
_كل تجربة تنويرية تحتاج إلى تراكم تاريخي، الفكرة في البداية تبدو غريبة لكن تدريجيا سيتقبلها المجتمع، في تونس كان هناك خلفية تاريخية للتنوير فكان هناك “الصداق القيرواني” حيث يسمح للمرأة أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها وهذا حق من حقوق المرأة، ثم بداية القرن الماضي مع طاهر الحداد تجسم ذلك مع إرادة سياسية.
في مصر كان هناك نضال من قاسم أمين وتغيرت قوانين ولكن لم تكن هناك إرادة سياسية قوية، أتذكر الأعمال الفنية مثل أريد حلا لفاتن حمامة ومسلسل فاتن أمل حربي للكاتب إبراهيم عيسى، هذه البذور التي نلقيها بالتاريخ وحتما ستذهر يوما، كما أنني أتلقى رسائل من مصريين تبشر بالاهتمام بالقراءات التنويرية.
ما هي أهم أعمالك الفكرية؟ وما هي التكريمات التي حصلت عليها؟
_لي أكثر من ١٤كتابا كلها موجودة في الموقع الرسمي الخاص بي: www.olfayousef.com
أشهرهم كتاب حيرة مسلمة وكتاب ناقصات عقل ودين، لكن أقربهم إلى قلبي كتاب “شوق” قراءات روحانية في جوهر الإسلام وكتاب وجه الله.
كل كتبي تهتم بالقراءات التنويرية وحقوق المرأة والصوفية وجوهر الأديان التي تبث السلام والمحبة والأخلاق.
حصلت على جائزة الكريديف التونسية عام٢٠٠٩م عن كتاب حيرة مسلمة، وجائزة الكريديف التونسية عام٢٠٢٠م عن كتاب وجه الله، وعدة تكريمات متنوعة دولية وأخرى داخل تونس.
هل فكرت أن تطرقين باب الأبحاث العلمية من قبل؟
_المجال الذي أشتغل عليه هو العلوم الإنسانية مثل الفلسفة والتحليل النفسي، حيث أن سبب تخلف “المجتمع المسلم” أسباب نفسية بالعقل الباطن متصلة بالمنظومة الذكورية وتراكمها عبر التاريخ، فتخاف تلك المنظومة من فقدان سلطتها وحاولت توضيح ذلك من خلال كتابي القرآن على محك التحليل النفسي، كما أشتغل من منظور إنساني على علاقة الفيزياء والصوفية والروحانية.
ستذكرين لنا لحظة بكيت فيها من قلبك وأخرى سعدت بها.
_اللحظات كثيرة وأنا أركز على الحاضر، فقد تكون بالحياة لحظة سعادة، حزن، غضب لكنها متبدلة في مقابل الوعي بها والذي يسميه الفلاسفة “البعد الإلوهي في نفس الإنسان”.
هل واجهت أي عنصرية لكونك امرأة؟
_واجهت “ميسوجينية” أي كره وعنصرية لكوني أنثى، ففي تونس هناك باحثون مثل محمد الطالبي ويوسف الصديق وعبد الماجد الشارفي لكن لم تتم مهاجمهتم مثلي، فكان يقالي لي: “اذهبي للمطبخ أو ما دخلك أنت بهذه الموضوعات الفقهية؟”، فالتاريخ يشهد أن التفسير والفقة هو تاريخ ذكوري والقراءات النسائية حديثة بدأت في أواخر القرن العشرين وهناك جامعات في أمريكا لديها نساء تهتم بقراءة القرآن لكن المجتمع يظل يرى هذا المجال حكرا على الذكور، لكن الله يتوجه إلى الناس جميعا، فكلنا مسئول أمام الله.
حاولت تفسير تلك العنصرية بكتابي أحلى كلام ورصدت فيه تعليقات تصل لي على فيسبوك، فمن الواضح من الشتائم التي تصلني أن المجتمع يريد المرأة الخانعة التي تجلس في البيت.
أخيرا ستوجهين كلمة إلى فضيلة شيخ الأزهر.
_أقول لشيخ الأزهر: أنا متأكدة _وهذا واضح بالقرآن_أن الله تعالى هو وحده من سيخبرنا فيما فيه نهتدي، وأيضا هو وحده أعلم بمن ضل ومن اهتدى، فلماذا نحتاج إلى مؤسسة تقول أنها ظل الله في الأرض، فتكفر البعض وتعطي شهادات الإيمان للبعض الآخر، في حين أن لا وساطة في الإسلام بين العبد وربه؟!
وفي نهاية حوارنا أشكرك أستاذة بسمة على الحوار الرائع.