مدير من العيار الرابع
قصة قصيرة
بقلم الدكتور ناصر الجندي
تحت سماء مدينة بنغالور الهندية، وبين أروقة مدرسة “شانتي الدولية”، كان السيد كمارا يجلس في مكتبه الفخم، يتأمل لوحة شهاداته المعلقة على الجدار بإطارات ذهبية براقة. معظمها كان مزيفاً، لكن من يجرؤ على السؤال؟
كان كمارا رجلاً في الخمسينيات، قصير القامة، ممتلئ الجسم، يرتدي نظارة سميكة تخفي نظرات ماكرة. عُرف عنه براعته في حياكة المؤامرات الإدارية وإثارة النزاعات بين الموظفين.
“السيد راجيش!” صاح كمارا بمدرس الرياضيات المتميز. “لقد وصلتني شكاوى من أولياء الأمور عن صعوبة امتحاناتك.” كان هذا كذباً محضاً، لكنه كان يريد إضعاف موقف راجيش الذي كان مرشحاً لمنصب المشرف التربوي.
في الطابق السفلي، كانت السيدة براديب، معلمة اللغة الإنجليزية المخضرمة، تشرح لزملائها كيف اختفت تقارير تقييمها المميزة من ملفها قبل لجنة الترقيات. لم يكن سراً أن كمارا كان وراء اختفائها، لكن من يستطيع إثبات ذلك؟
في اجتماعات مجلس المدرسة، كان كمارا بارعاً في تحويل المعلمين ضد بعضهم. يهمس في أذن هذا بكلمة، ويلمح لذاك بإشارة، حتى أصبحت غرفة المعلمين ساحة من الشكوك والظنون.
لكن براعة كمارا الحقيقية كانت في التلاعب بالميزانيات. كان يقدم تقارير مزدوجة: واحدة للإدارة التعليمية تظهر عجزاً، وأخرى لمجلس الأمناء تظهر فائضاً. وبين هذا وذاك، كانت الأموال تختفي في مشاريع وهمية.
ذات صباح، وصل مفتش من وزارة التعليم في زيارة مفاجئة. “سيد كمارا، لدينا بعض الاستفسارات عن التناقضات في تقاريركم المالية.” كان وجه كمارا يتصبب عرقاً وهو يحاول اختراع الأعذار.
في ذلك اليوم، اجتمع المعلمون سراً في منزل السيدة براديب. كانوا قد جمعوا على مدى شهور أدلة دامغة عن كل مخالفات كمارا: الشهادات المزورة، التقارير المزدوجة، الميزانيات المتلاعب بها.
وفي صباح اليوم التالي، عندما وصل كمارا إلى مكتبه، وجد المفتش في انتظاره مع ملف ضخم “سيد كمارا، أظن أن لدينا الكثير لنتحدث عنه.”
حاول كمارا الهروب من الباب الخلفي، لكنه وجد السيد راجيش في انتظاره. “إلى أين يا سيد كمارا؟ ألم تقل دائماً إن المدير الناجح يواجه مشاكله بشجاعة؟”
انهارت إمبراطورية كمارا في يوم واحد. تم كشف كل مؤامراته، وظهرت الحقيقة جلية. غادر المدرسة مخفي الرأس، تحت نظرات شماتة من جميع من آذاهم على مر السنين.
بعد رحيل كمارا، تنفست المدرسة الصعداء. تم تعيين السيدة براديب مديرة جديدة، وبدأت صفحة جديدة من الشفافية والنزاهة.
وأصبحت قصة كمارا درساً يُروى للأجيال الجديدة من المعلمين عن كيف أن الخداع والمؤامرات لا بد أن تنكشف يوماً ما.
أما كمارا، فقد اختفى من المشهد التعليمي تماماً. يقال إنه فتح دكاناً صغيراً لبيع الشاي في حي بعيد، حيث يقضي وقته في اختلاق قصص وهمية عن مجده السابق كمدير مدرسة عظيم.