صناعة الخبز بين الماضي والحاضر

صناعة الخبز بين الماضي والحاضر

كتبت/هالة فاروق

 

منذ آلاف السنين اعتبر المصريون القدماء الخبز مصدراً للحياة حتى في اللهجة المصرية تستخدم كلمة “عيش” بمعنى خبز للإشارة إلى “الحياة”. مثل خبز “العيش” يتطلب الأمر الكثير من الجهد والصبر والشغف لتحقيق أهدافك ، المصريون يقولون “أكلت معك عيش و ملح” أي نبقى دائماً على العهد كإخوة وأخوات إلى الأبد.

 

صناعة الخبز فى مصر القديمة!

 

أبدى المصريون القدماء احترامًا عظيمًا للخبز

باعتباره سند الحياة فلم يعتبره المصرى طعامًا فقط وإنما استخدم أنواعًا منه فى الوصفات الطبية بعد خلطه بمواد أخرى لعلاج بعض الأمراض مثل

– خلطه بالعسل لعلاج النزيف

– أو بنبات العرعر والحنظل لعلاج الإمساك

– أو خلطه بالشعير والزيت والملح لعلاج الحروق

 

واستخدم أيضا فى الطقوس الجنائزية

كما أشار عدد من النصوص الدينية إلى العلاقة بين الحبوب التى يصنع منها الخبز وهى القمح والشعير

وبين المعبود «أوزير» الذى تنبت من جسده هذه الحبوب

 

ويرجع أقدم ذِكر للخبز فى النصوص والأختام المصرية القديمة لعصر بداية الأسرات

تحديدًا فى بطاقة خشبية ترجع إلى الأسرة الأولى

وقد ظهر عدد من أشكال الخبز على لوحات عثر عليها فى منطقة حلوان تصور صاحب المقبرة جالسًا أمام مائدة قرابين تحمل أرغفة ذات أشكال مختلفة

 

ونظرًا لأهمية الخبز عند المصرى القديم

فقد صنع منه العديد من الأشكال والأنواع

عرفنا منها ما يقرب من خمسة عشر نوعًا من الخبز خلال الدولة القديمة

ولكن بمرور الوقت ووصولا إلى الدولة الحديثة ازدادت تلك الأنواع حتى وصلت إلى ما يقرب من 97 نوعًا من الخبز

واختلفت أشكالها ما بين المستدير والبيضاوى والملفوف ومخروطى الشكل

كذلك اختلفت أنواع الدقيق المستخدم فى تلك الصناعة ما بين القمح والشعير

وقد أضاف المصرى القديم العسل والفواكه المجففة لعمل الخبز الحلو أو ما نطلق علية اليوم «الكعك»

لذا اختلفت أشكال الخبز والفطائر بعضها عن بعض واستمر البعض منها مُستخدَمًا حتى وقتنا الحالى

 

عرف المصرى القديم أيضًا الخبز الأسمر

فكانت الحبوب المتكسرة “أو المدشوشة”

تُغلى فى الماء ثم تُضاف إلى عجينة الخبز الخفيفة وتخبز للحصول على رغيف طرى لدن

وكان تشكيل الخبز يتم إما الأيدى

وهو ما دلتنا عليه آثار ضغط الأصابع على بعض الأرغفة أو قوالب

وكان يُزين بعمل بعض الثقوب به أو بوضع الفاكهة المجففة على سطحه

 

ومن الجدير بالذكر أن المصريين القدماء كانوا أول من صنعوا «الكب كيك» فى شكله المتعارف عليه حاليًا

كما أنهم صنعوا أشكالًا للخبز تشبه «الفينو والكيزر»

وكذلك الخبز الشمسى المنتشر حتى الآن فى مناطق صعيد مصر

والذى يتم إعداده بنفس الطريقة المصرية القديمة

 

وتظهر النصوص القديمة بعض المأثورات والنصائح والحكم التى ذُكر فيها الخبر

ومنها قول الحكيم «آنى» لإبنه يوصيه بوالدته

«ضاعف الخبز لأمك واحملها إن استطعت كما حملتك

فهى التى كانت تحمل لك الخبز والجعة كل يوم حينما كنت بالمدرسة

ولا تأكل الخبز وغيرك واقف دون أن تحث الخطى إليه وتمد يدك بالخبز إليه وبذلك تؤثره إلى أبد الآبدين»

 

وقد ذُكر فى نصوص الأهرام حيث ينادى المعبود للمتوفى قائلًا

«انهض هذا خبزك الطازج الذى لن يلحق به الفساد أبدًا وجعتك الطازجة»

 

• ونجد «حنقو» حاكم المقاطعة الثانية عشرة فى مصر العليا يتباهى على جدران مقبرته بأنه «أعطى الخبز للجائع والملابس للعارى»

كدليل على تقوى المتوفى أثناء محاكمته أمام أوزوريس.

DRM Media